مفارقات وعجائب وتناقضات في وطن غفور رحيم | ||
![]() | ||
| ||
" إن الوطن غفور رحيم " ، عبارة أطلقها الملك المغربي الراحل وتفنن في إخراجها من دواليب نظامه السياسي ليرفع بها كل حرج أو ضرر قد يلحق العائدين من جبهة " البوليساريو " إلى الأراضي المغربية حتى وإن كانوا من الرافعين لشعار المقاومة المسلحة ضده أو من المخططين والمفكرين والمساهمين في زعزعة أمنه واستقراره . وقد نجحت هذه العبارة إلى حد ما في استمالة العديد من المنخرطين في الجبهة المزعومة وإقناعهم على التخلي عن أفكارهم الثورية ومناصبهم الحساسة والعودة إلى حيث أراضيهم الأصلية خاصة بعد تلقيهم ضمانات كافية من لدن النظام المغربي لإسقاط كل التهم التي قد توجه إليهم من قبيل التآمر على الوطن والانضمام لجماعة انفصالية خارجة عن القانون ، واستهداف مصالح البلد في الداخل والخارج . والمتأمل في العبارة التي أطلقها الملك " الحسن الثاني " وتكلف باستمراريتها من بعده مهندسو العهد الجديد يجدها قد أخذت أبعادا كثيرة ودلالات عدة ، إذ تم توسيع نطاقها الغفراني ليشكل صورة حبلى بمتناقضات صارخة ومفارقات مريرة لن يتم العثور عليها إلا في بلد كالمغرب . فالوطن غفور رحيم إلى أبعد الحدود مع علية القوم وبعض المحظوظين ، وبالغ القسوة المطلقة والغلظة الشديدة مع باقي الفئات المنتمية له . الوطن الذي نعيش فيه يغفرزلات الكبراء والمدراء والوزراء والجنرالات وباقي أصحاب الرتب العليا والمناصب السامية ، لكنه أبدا لا يرحم الفقراء والضعفاء والبلداء والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان المقيدين بأصفاد التمييز الطبقي والمكبلين بهموم الإنتماء للطبقات الوسطى والدنيا . الوطن الذي نحتمي به يحمي حمى المنتسبين للبروج العالية ، فيتجاوز عن أخطائهم ويغض الطرف عن حماقاتهم ، ويمسك عصاه عند عتبة الأبواب الفوقية ، ولا يحرك ساكنا أمام تكبر المتكبرين وفساد وإفساد الرؤوس التنينية ، لكنه مستعد لمحاسبة أبنائه المساكين على الشاذة والفاذة ، ومعاقبتهم على كل خطوة خاطئة ، وتتبع عوراتهم آناء الليل وأطراف النهار ، ليجعل منهم غرباء داخل كنفه الواسع والضيق في ذات الوقت . الوطن الغفور الرحيم يشرع أبوابه ونوافذه ذات اليمين وذات اليسار ليحتضن مهرجانات تذوق الخمور وندوات الأندية الهابطة وأيام الخيول والبغال والحمير وليالي المجون والفجور ، ويسارع عقارب الساعة ليكون ضمن الأوطان المنفتحة على الأفكار الهدامة والسياسات الفتاكة والمشاريع المخربة ، وفي اتجاه معاكس نراه يضيق ذرعا بأصوات المحتجين أمام قبته التشريعية ، ويهوي بهم إلى غياهب السجون بعد عرضهم على ما لذ وطاب من فنون وأدوات التعذيب النفسي والجسدي ، ولا يلقي بالا لكل الأيدي الممدودة لإصلاح أعطابه وتضميد جراحه ، بل يغلق مدارس القرآن ويشمع بيوت العلماء ويصفد أيادي الفضلاء والشرفاء في تناقض تام مع شعارات رحمته وغفرانه . الوطن يغفر للعائدين من جبهة البوليساريو حملهم السلاح عليه ، ويكرمهم على عودتهم إلى حضنه ، ولكنه يرفض مع سبق الإصرار والترصد الإستماع إلى توبة بعض من سماهم ب " السلفيين الجهاديين " ، والأخذ بعين الإعتبار مراجعاتهم الفكرية والسياسية وتخليهم عن نظراتهم الماضوية . الوطن قد يغفر امتلاك البعض لأراضي الأحباس والأوقاف دون وجه حق، وقد يسمح بتفويت أملاك عمومية لأناس دون غيرهم ، وقد يتستر على فضيحة وزير أو مدير أو موظف معين بظهير شريف سطا على خزائن الدولة أو خان ائتمان الشعب له على أمواله وخيراته ، لكنه أبدا لا يرحم من دفعته الحاجة إلى السكن بالمراحيض العامة ، أو فرضت عليه قساوة العيش وظروف الحياة المريرة المبيت في مسجد من المساجد أو مقبرة من المقابر . الوطن يخترع أمراضا ما سمع بها الأولون وعاهات ما كانت في سابق العلم ليخلص أمير أو وزيرا أو سفيرا أو من يمت إليهم بصلة من ورطات الإعتلاء على القانون وتهم استغلال النفوذ والإعتداء على المواطنين ، لكنه يقف مكتوف الأيدي أمام آهات وحشرجات الملايين من المظلومين فوق ترابه ، ولا يغفر البتة لأحدهم ذنبا أوجرما إقترفه بدافع من الدوافع الإجتماعية أو فرض عليه ارتكابه للحصول على ضروريات العيش حتى وإن كان هذا المذنب قد بلغ من الكبر عتيا ووهن منه العظم واشتعل جسمه مرضا وأيدت عدم صلاحية تعرضه للعقاب كل الشهادات والخبرات الطبية . الوطن يمول كل جرائد الرصيف القبيحة ، ويشجع على ثقافة الإتكال والميوعة ، ويقف في صف المجلات والمطويات الرسمية ، وهو نفس الوطن الذي يقمع كل صوت حر ، ويستأصل قطرات المداد الصافي من منابعه ، ويصادر كل جريدة هادفة ، ويعدم كل من يجعل من الحرف وسيلة للتغيير أو التعبير عن حلم يعشق الغد الأفضل . الوطن يضع لأقوام خطوطا حمراء تأويهم ويبني من القانون سطورا تحميهم ، ويجعل من كل من ينتمي إلى درجات العلياء مقدسا لا ينبغي الإقتراب منه أو تجاوزه أو انتقاده ، وفي ذات الوقت يبخل على أبنائه وبناته بنقطة أو فاصلة تكفل لهم حقوقهم المادية والمعنوية . الوطن يفصل دساتير على المقاس يتجاوزها علية القوم ولا من يحرك أي وسواس ، ويعلي من شأن العاجز فيصنع منه بطلا ، ويلبس الفاسد ثياب الوقار ليكون مثلا يقتدى به ، ولا يغفر زلات محبيه والمدافعين عنه والأوفياء لأرضه وتاريخه وأمجاده . الوطن يبعث بثلة من الفتيان والشباب إلى الخارج ليحصلوا ما تقدم وتأخر من فنون العلم ومعارف الدنيا حتى يخلفوا آباءهم وأمهاتهم في دهاليز الإدارات ومدارج الوزارات ، ولا يرحم طابور الثلاميذ المتكدسين في مدارس تحاكي تصاميم السجون والمعتقلات ، ولا يغفر للأساتذة والطلبة والمعلمين والمتخرجين من أبواب الجامعات والمعاهد رفع أصواتهم إحتجاجا على وضعية مزرية أو تنديدا بسياسة خائبة . الوطن الغفور الرحيم قد يغفر للبعض زراعة مساحات شاسعة من الحشيش والهروين وباقي أنواع المخدرات ، لكنه أبدا لن يرحم من يزرع في النفوس قول الحق ويغرس في القلوب لاءات رافضة للظلم والطغيان . الوطن غفور رحيم بمن عرفوا من أين تؤكل الكتف ، ولمن أدركوا قيمة القفز على المبادئ وتسلق الجدران المنفعية ، وشديد القسوة والغلظة والتهكم والظلم بمن يبحثون عن وطن يلبس جبة الإستقلال ويحيا بسير الإستعمار . الوطن الغفور الرحيم يجمع كل المتناقضات والمفارقات ، فتجده يحتل المراتب المتأخرة في مجال التربية والتعليم والصحة والسلم والحرية وغير ذلك من الأمور الضرورية لإرساء لبناته الصحيحة ، وتجده يتربع على عرش المراتب الأولى المتعلقة بكل ما يندى له الجبين وتشمئز منه النفوس . مفارقات الوطن الغفور الرحيم مقال قديم جديد ، وحديث يتردد في السر كما في العلن ، والوطن الغفور الرحيم يا سادة نريده للجميع من غير اسثناء ووفق قوانين ومعطيات وأساليب توضع لهذا الغرض ، والوطن القاسي بما للقسوة من تشعبات وتفرعات نريده وطنا يقسوعلى جميع من سولت له نفسه العيش بعقلية إمبريالية ترى في الآخر مجرد خادم لمصالحه فقط . هذا هو النداء في زمن الحكومة " الإسلامية " ، فهل من حياة لمن ننادي يا أيها الوطن الغفور الرحيم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟. |
مفارقات وعجائب وتناقضات في وطن غفور رحيم
Qui êtes-vous ?
Fourni par Blogger.
Archives du blog
-
▼
2013
(46)
-
▼
avril
(46)
- تزوجت بال SMS
- استاذ كيغني راب ههه باش يفهمموللماط
- هذف ولا في الاحلام
- حكم مساعد يفقد صوابه ويتصارع مع أحد المشجين
- .خيوط "الجريمة" الغرين بويز وراء شغب البيضاء استعر...
- صوت بكاء يخرج من غرفة فتاة متوفاة ..
- بعد ميسي.. ها هي ميسة
- تركيا.. رونالدو يلتقي فوطوكوبي ديالو (فيديو)
- صدق أو لا تصدق.. قتل أخاه ونام إلى جانبه!!
- لي عندو كونيكسيو تقيلة يذخل هنا
- هل تعلم ماذا يعني المربع على الوجه الآخر لأنبوب ال...
- ريال مدريد غلطة سراي مبارة نارية -- تقرير حصري للم...
- الكاك والوداد و الجيش و الرجاء في ملعب واحد ما هذا...
- فضائح الجامعة المغربية لكرة القدم -- هادشي بزااف
- Ulead Video Studio 11 plus من افضل برامج تحرير وان...
- موقع القناة الثانية"2M"يتعرض للإختراق
- كم دقيقة حتى تغلي البيضة؟
- كيف تعرف ان يدك مكسورة من دون تصوير؟
- هكذا يختبرون الرجل البابغ في الامازون
- اليابان تدخل على الخط بعد تهديدات كوريا الشمالية
- موظفو التعليم يطالبون بالإستفادة من العطلة
- صانع أسنان ينصب بإسم المديرية العامة للأمن الوطني
- خسر كل ماله في الفوركس فطلقته زوجته ليلة زفافهما
- طفل يحاول ان ... تم يحاول بدون جدوى
- اختطاف طفلة وطلب فدية بتيفلت
- كوريا الشمالية تنشر صاروخين عند سواحلها الشرقية
- مليار و500 مليون لGangnam Style في موازين
- منقبة ما لقات مادير فحاولت تفجير عيادة طبية بالبوط...
- الملتقى الإقليمي للتوجيه المدرسي بمدينة أرفود
- مفارقات وعجائب وتناقضات في وطن غفور رحيم
- الشرب من القنينات المتروكة في السيارة تسبب السرطان
- الخدمة الناقصة:سلطات بني ملال تقتل الكلاب بالرصاص ...
- معادلة خانز وبنين ورخيص
- الأطعمة الصحية المستخدمة لزيادة الوزن وعلاج النحافة
- مخاطر تناول المسكنات
- الدرك الملكي يقتل تاجر مخدرات في بن سيمان
- بنعطية يشعل سوق الإنتقالات الأوروبي
- قائد ريال مدريد الثاني وألونسو يغيبان عن مباراة ال...
- هولاند في مجلس نوابنا: المغرب يفرض نفسه كبلد ينعم ...
- بين التليفونات والمقابر مفارقة مالية كبرى تسجل بال...
- مفتشون يطيحون برجال أمن متلبسين بالرشوة
- عبارات توحي بوجود دور دعارة تستنفر الأمن بفاس
- بريطانيا معرضة لهجوم نووي كوري شمالي
- الطائرة الودادية تنطلق نحو الديار الطوغولية
- الموت يزور نسيب بن علي بالسجن وينقله لعالم الحساب ...
- كذبة أبريلية لخمس سنوات
-
▼
avril
(46)